Friday, September 6, 2013

شيعة في سعير و سنة في زمهرير



﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا. قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا. مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا.﴾ (١)

و الصلاة و السلام على رسول الله البشير النذير بالكتاب المبين، جامع شمل الدين، قاطع دابر الملحدين، شفيع يوم الدين، لأصحاب الكبائر من أمته و الغافلين.

أما بعد،

فقد أنجز الله سبحانه عهده، و نصر عبده، و هزم الأحزاب وحده، في يوم كان على المسلمين شديد فرده، و لولا أن لم يكونوا في جماعة واحدة، و صف واحد، و قلب واحد يملأه الإيمان بالله القادر على كل شيء، لما أيدهم الله بنصره. 

﴿ قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا. ﴾ (٢)

إن التفرق الذي تعيش به أمة محمد ﷺ اليوم هو سبب الوهن المهين، كيف ينصر الله أمة يقتل مسلموها مسلميها؟! أمة يبغض شيعتها سنتها و سنتها تبغض شيعتها و كلن منهم له بداخله مذهب ينتمي له و يتعصب له ؟! أمة متفرقة يحكمها التعصب المذهبي على حساب العقل و كتاب الله الذي يقرأونه ولا يتجاوز تراقيهم ؟! فواقع الحال الأليم لا يبشر بالنصر المبجل بل الى هزيمة شنعاء لأمة فككها أئمتها، و فرق شملها دعاتها،  فتعصب كلن في مذهبه على حساب الدين الواحد الرافض للتشتت و التفرق و التمذهب، و ما أقوله في هذه الأمة التي مرضت بعد صحة هزة الأرض بعدلها و قوتها ليس تحليلا و منطق و رأي فحسب، بل نبأ من سيد البشر إمام المرسلين الذي لا ينطق عن الهوى إن هو الا وحي يوحى، فقد قال ﷺ :

"غيرُ الدجالِ أخوَفُ على أُمَّتِي منَ الدَّجالِ ، الأئِمَّةُ المضِلُّونَ" (٣)

و قال ﷺ "إِنَّهُ سيكونُ عليْكُمْ أَئِمَّةٌ تَعْرِفونَ وتُنْكِرونَ ، فَمْنَ أنَكَرَ فَقَدْ بَرِيءَ ، ومَنْ كَرِهَ فقدْ سَلِمَ". (٤)

و قال ﷺ "سيكونُ في أمَّتِي اختلافٌ وفُرْقَةٌ ، قومٌ يحسِنونَ القيلَ ؛ ويُسيئونَ الفِعْلَ ، يقرأونَ القرآنَ لَا يُجاوِزُ تراقِيَهم ، يَمْرُقونُ مِنَ الدينِ مروقَ السهمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ ، لَا يرجِعونَ حتَّى يرتَدَّ السهمُ على فُوقِهِ ، هم شرُّ الخلْقِ والخليقَةِ ، طُوبَى لِمَنْ قتَلَهم وقتَلُوهُ ، يُدْعَوْنَ إلى كتابِ اللهِ ؛ وليسوا منا في شيءٍ ، مَنْ قاتَلَهم كان أوْلى باللهِ منهم ، قالوا : يا رسولَ اللهِ ! ما سيماهم ؟ ! قال : التحليقُ" (٥)


و قال ﷺ في من فتن بهم و اتبعهم بغير هدى و لا كتاب منير:

"مَن قاتَلَ تحتَ رايةٍ عُمِّيَّةٍ ، يُقاتلُ عصبيَّةً ، ويغضَبُ لعصبيَّةٍ ، فَقِتْلَةٌ جاهليَّةٌ" (٦)

و قال ﷺ "من قَتل في عِمِّيَّةٍ أو عصبيةٍ بحجرٍ أو بسوطٍ أو عصًا فعليه عقلُ الخطأ ، ومن قَتل عمدًا فهو قودٌ ، ومن حالَ بينه وبينه ، فعليه لعنةُ اللهِ والملائكةِ والناسِ أجمعينَ ، لا يُقبلُ منه صرفٌ ولا عدلٌ" (٧)

عباد الله اتقوا الله سنة و شيعة، ولا تركنوا لدعاة و أمراء و شيوخ و سادة غرتهم أنفسم و مالوا ميلا جسيما عن الحق بتحريضهم لقتال المسلمين بعضهم بعضا، و تذكروا ان فتنة آخر الزمان فتنة عظيمة لا تنجلي الا بالصبر و الوعض و التفكر حتى يأتي الله سبحانه بأمره و كونوا كما دعاكم الله سبحانه فقال:

﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ. ﴾ (٨)

فقد أنذركم الله و جعل لكم عقول لتفرقوا بين الحق و الباطل، و قال سبحانه لكم جميعا :

﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ. ﴾ (٩)

فالعقل العقل ! أبعد هذا البيان الصريح يميل أحدكم لرجل يدعوا باسم الله لنفسه او لحزبه أو لمصلحة تغشى أعينكم ؟!

أيها الناس، إن الله عز وجل خلقكم من نفس واحده و رزقكم من حيث لا تعلمون، فكونو ﴿ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ. مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ. ﴾ (١٠)

قال تعالى :

﴿ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ. فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ. فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ. أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ. نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ. ﴾ (١١)

فلبوا نداء الله تعالى حين دعاكم فقال:

﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ. ﴾ (١٢)


اللهم إني أشهدك و أشهد حملة عرشك أني أشهد أنك انت الله لا إله الا انت و ان محمدا عبدك و رسولك، و أشهدك أني بريء من كل أمر تفرقت به أمة رسولك ﷺ 


و الصلاة على سيد المرسين و إمام الصديقين
و الحمد لله رب السماوات و رب العرش العظيم







طارق القائد









المراجع:

١- سورة الكهف ١-٣
٢- سورة الأحزاب ١٧
٣- الراوي: أبو ذر الغفاري
المحدث:الألباني
المصدر: صحيح الجامع
الصفحة أو الرقم: 4165
خلاصة حكم المحدث: صحيح
٤- الراوي: أم سلمة هند بنت أبي أمية المحدث:الألباني
المصدر: صحيح الجامع
الصفحة أو الرقم: 2395
خلاصة حكم المحدث: صحيح
٥- الراوي:  أبو سعيد الخدري المحدث:الألباني
المصدر: تخريج مشكاة المصابيح
الصفحة أو الرقم: 3474
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
٦- الراوي: جندب بن عبدالله
المحدث:الألباني
المصدر: صحيح النسائي
الصفحة أو الرقم: 4126
خلاصة حكم المحدث: صحيح
٧- الراوي: عبدالله بن عباس
المحدث:الألباني
المصدر: صحيح ابن ماجه
الصفحة أو الرقم: 2/344
خلاصة حكم المحدث: صحيح
٨- سورة ال عمران ١٠٤-١٠٥
٩- سورة الأنعام ١٥٩
١٠- سورة الروم ٣١-٣٢
١١- سورة المؤمنون ٥٢-٥٦
١٢- سورة آل عمران ١٠٣

2 comments:

  1. احسنت ياخوي
    كلام كبير وموزون
    والله يوفقك يالغالي

    ReplyDelete