Friday, June 7, 2013

رَدُّ البلاء بِأدَبِ الدعاء


﷽ 

الحمد لله المجيب لكل سائل , التائب على العباد فليس بينه و بين العباد حائل .جعل ما على الأرض زينة لها , و كل نعيم لامحالة زائل. حذّر الناس من الشيطان وللشيطان منافذ وحبائل. فمن أسلم وجهه لله فذاك الراشد العاقل, ومن استسلم لهواه فذاك الضال الغافل. و نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تنزه عن الشريك وعن الشبيه وعن المشاكل. من للعباد غيره ؟ ومن يدبر الأمر ومن يعدل المائل ؟من يشفي المريض ؟ من يرعى الجنين في بطون الحوامل ؟ من يجيب
المضطر إذا استعصت عليه المسائل ؟من لنا إذا انقضى الشباب وتقطعت بنا الأسباب و الوسائل ؟

ذاك هو الله الأحد الصمد، وكل ما دون الله باطلُ .*

أما بعد،

فكلنا عبادٌ للواحد الكامل، و كلنا يرجوا المغفرة من الله، و يسأله الثواب العاجل و الآجل، فاعلم ان للسؤال آداب و منازل، فسؤال المخلوق ليس كسؤال رب الآخرين و الأوائل، فالعِلْمُ بأدب الدعاء حقٌ على المتضرّع و السائل، و الآداب عشرة كما صنّفها العلماء الأفاضل، فتعلموها و تأملوها عسى ان تكون لكم في الخير نائل، و صلوا على من أرسله الله تعالى ليعلمنا الكتاب و الحكمة و هو قائل: "من أصابته فاقة فأنزلها بالناس ، لم تسد فاقته ، و من أنزلها بالله ، أوشك الله له بالغنى ، إما بموت عاجل ، أو غنى عاجل.

الراوي:  عبدالله بن مسعود المحدث:الألباني
المصدر: السلسلة الصحيحة
الصفحة أو الرقم: 2787
خلاصة حكم المحدث: إسناده رجاله ثقات رجال الشيخين




آداب الدعاء




 ١- ترصّد الأوقات الشريفة.
٢- إغتنام الأحوال الشريفة.
٣- استقبال القبلة و رفع اليدين و عدم البصق الى الأمام أو على اليمين و عدم النظر الى السماء.
٤- خفض الصوت.
٥- عدم الإعتداء و التكلّف في السجع.
٦- التضرّع و الخشوع و الرغبة و الرهبة.
٧- التيقّن بالإجابة و الصدق في الرجاء.
٨- اللّح و التكرار.
٩- الإستفتاح بالذكر و الصلاة على محمد ﷺ و لا تبدأ بالسؤال.
١٠- الأدب الباطن في التوبة و رد المظالم هو الأصل في الإجابة.







و التفصيل في الآاداب و شرحها في النقاط التالية :





١- ترصّد الأوقات الشريفة:

لله سبحانه و تعالى أوقات يستجيب بها للدعاء ليست كسائر الأوقات و منها

أ- يوم عرفة:

كما قال رسول الله ﷺ : أفضلُ الدعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ ، و أفضلُ ما قلتُ أنا و النبيون من قبلي : لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له

الراوي: طلحة بن عبيدالله بن كريز المحدث:الألباني
المصدر: صحيح الجامع
الصفحة أو الرقم: 1102
خلاصة حكم المحدث: حسن

ب- آخر الليل من كل يوم:

قال تعالى "و بالأسحار هم يستغفرون" والسَّحْر والسحَر: آخر الليل قُبَيْل الصبح، والجمع أَسحارٌ. (معجم لسان العرب). و قال النبي ﷺ "يَنزِلُ اللهُ كلَّ ليلةٍ حتى يبقى ثُلُثُ الليلِ الآخِرُ إلى سماءِ الدنيا فيقولُ من يدعوني فأستجيبَ له من يستغفرُني فأغفرَ له من يسألُني فأُعطِيَه"

الراوي: أبو هريرة
المحدث:الألباني
المصدر: تخريج كتاب السنة
الصفحة أو الرقم: 494
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط مسلم.






٢- إغتنام الأحوال الشريفة:

فغير الأوقات هنالك أحوال لا يُطلب بها الرحمن إلا استجاب لطالبه و منها

أ- عند التقاء الجيوش و أوقات الصلاة و المطر:

قال ﷺ "اطلبوا استجابةَ الدعاءِ عندَ التقاءِ الجيوشِ ، و إقامةِ الصلاةِ ، و نزولِ الغيثِ"

الراوي: مكحول
المحدث:الألباني
المصدر: صحيح الجامع
الصفحة أو الرقم: 1026
خلاصة حكم المحدث: صحيح


الغَيْثُ : المطر والكَلأُ؛ وقيل: الأَصلُ المطر، (معجم لسان العرب)

و لأوقات الصلاة قال ﷺ "الدعاءُ لا يُرَدُّ بين الأذانِ و الإقامةِ"

الراوي: أنس بن مالك
المحدث:الألباني
المصدر: صحيح الجامع
الصفحة أو الرقم: 3408
خلاصة حكم المحدث: صحيح

و قال أبو الحجاج مجاهد بن جبر التابعي المكي القرشي المخزومي (إن الصلاة جعلت في خير الساعات فعليكم بالدعاء خلف الصلوات)

ب- عند السجود:

قال ﷺ "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد . فأكثروا الدعاء"

الراوي: أبو هريرة
المحدث:مسلم
المصدر: صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 482
خلاصة حكم المحدث: صحيح

ج- عند الصيام و السفر و في حالة الظلم:

قال ﷺ "ثلاثٌ حقٌّ على اللهِ أن لا يَرُدَّ لهم دعوةً الصائمُ حتى يُفطرَ والمظلومُ حتى ينتصرَ والمسافرُ حتى يرجِعَ"

الراوي: [أبو هريرة]
المحدث:الألباني
المصدر: السلسلة الصحيحة
الصفحة أو الرقم: 7/1123
خلاصة حكم المحدث: في إسناده إبراهيم بن خثيم وهو متروك






٣- استقبال القبلة و رفع اليدين و عدم البصق الى الأمام أو على اليمين و عدم النظر الى السماء:

ورد عن عبدالله بن زيد في الإستقبال و رفع اليدين (أنَّهُ رأى رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في الاستِسقاءِ استقبَلَ القبلةَ ، وقلَبَ الرِّداءَ ، ورفعَ يدَيهِ)

الراوي: عبدالله بن زيد
المحدث:الألباني
المصدر: صحيح النسائي
الصفحة أو الرقم: 1511
خلاصة حكم المحدث: صحيح

و في البصق

 قال ﷺ "أَيَسُرُّ أحدُكم أن يُبصَقَ في وجهِه ؟ إنَّ أحدَكم إذا استقبل القبلةَ فإنما يستقبل ربَّه عزَّ وجلَّ ، والملَكُ عن يمينِه ، فلا يتفُلْ عن يمينِه ، ولا في قِبلتِه ، ولْيَبْصُقْ عن يسارِه أو تحت قدمِه ، فإن عجِل به أمرٌ فلْيَتْفُلْ هكذا . يعني في ثوبِه"

الراوي: أبو سعيد الخدري
 المحدث:الألباني
المصدر: صحيح الجامع
الصفحة أو الرقم: 2661
خلاصة حكم المحدث: حسن

و في فضل رفع اليدين

قال ﷺ "إنَّ ربَّكم حييٌّ كريمٌ يستحيي من عبدِه أن يرفعَ إليه يدَيْه فيرُدَّهما صِفرًا أو قال خائبتَيْن"

الراوي: سلمان الفارسي
المحدث:الألباني
المصدر: صحيح ابن ماجه
الصفحة أو الرقم: 3131
خلاصة حكم المحدث: صحيح

و في كراهية النظر الى السماء

قال ﷺ "لَينتهينَّ أقوامٌ يرفعونَ أبصارَهم إلى السماءِ في الصلاةِ . أو لا ترجعُ إليهم"

الراوي: جابر بن سمرة
المحدث:مسلم
المصدر: صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 428
خلاصة حكم المحدث: صحيح






٤- خفض الصوت :

كان أبو موسى الأشعري رضي الله عنه معَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ في غَزاةٍ ، قال: فلمَّا قفَلنا أشرَفنا على المدينةِ فَكَبَّرَ النَّاسُ تَكْبيرةً ورفَعوا بِها أصواتَهُم ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ : إنَّ ربَّكُم ليسَ بأصمَّ ولا غائبٍ ، هوَ بينَكُم وبينَ رءوسِ رحالِكُم ، ثمَّ قالَ : يا عبدَ اللَّهِ بنَ قيسٍ ، ألا أعلِّمُكَ كَنزًا من كُنوزِ الجنَّةِ : لا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللَّهِ

الراوي:  أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3461
خلاصة حكم المحدث: صحيح






٥- عدم الإعتداء و التكلّف في السجع:

في الإعتداء فقد سمِع عبدالله بن مغفل ابنَه يقولُ اللَّهمَّ إنِّي أسألُك القصرَ الأبيضَ عن يمينِ الجنَّةِ إذا دخلتُها فقال أيْ بنيَّ سلِ اللهَ الجنَّةَ وعُذْ به من النَّارِ فإنِّي سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ سيكونُ قومٌ يعتدون في الدُّعاءِ

الراوي: عبدالله بن مغفل
المحدث:الألباني
المصدر: صحيح ابن ماجه
الصفحة أو الرقم: 3130
خلاصة حكم المحدث: صحيح

و في اجتناب السجع قال ابن عباس رضي الله عنهما : انظُرِ السَّجعَ منَ الدعاءِ فاجتَنِبْه، فإني عَهِدتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابَه لا يَفعَلونَ إلا ذلك . يعني : لا يَفعَلونَ إلا ذلك الاجتِنابَ .

الراوي: عبدالله بن عباس
المحدث:البخاري
المصدر: صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 6337
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]






٦- التضرّع و الخشوع و الرغبة و الرهبة:

قال تعالى: "إنهم كانوا يسارعون في الخيرات و يدعوننا رغبا و رهبا"

و قال عز و جل: "ادعوا ربكم تضرعا و خفية"






٧- التيقّن بالإجابة و الصدق في الرجاء:

فالتيقن بالإجابة أمر أساسي في الدعاء لقوله ﷺ "ادْعُوا اللهَ وأنتمْ مُوقِنُونَ بالإجابةِ ، واعلمُوا أنَّ اللهَ لا يَستجيبُ دُعاءً من قلْبٍ غافِلٍ لَاهٍ"

الراوي: أبو هريرة
المحدث:الألباني
المصدر: صحيح الجامع
الصفحة أو الرقم: 245
خلاصة حكم المحدث: حسن

و قال ﷺ "سيدُ الاستغفارِ أنْ تقولَ : اللَّهمَّ أنتَ ربِي ، لَا إلهَ إلَّا أنتَ ، خلَقْتَني وأَنَا عبدُكَ ، وأنا علَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ ما استطعتُ ، أعوذُ بِكُ مِنْ شَرِّ ما صنعْتُ ، أبوءُ لكَ بنعمتِكَ عَلَيَّ ، وأبوءُ لَكَ بذنبي ، فاغفرْ لِي ، فَإِنَّه لَا يغفرُ الذنوبَ إلَّا أَنْتَ . مَنْ قالها مِنَ النهارِ موقِنًا بها ، فماتَ مِنْ يومِهِ قبلَ أنْ يُمْسِيَ فهو مِنْ أهلِ الجنةِ ، ومَنْ قالها مِنَ الليلِ وهو موقنُ بها ، فماتَ قبلَ أنْ يُصْبِحَ ، فهو مِنْ أهلِ الجنةِ"

الراوي:  شداد بن أوس المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 3674
خلاصة حكم المحدث: صحيح

فقوله ﷺ "موقناً بها" يؤكد أن من قالها و هو متيقّن ليس كالذي قالها دون تيقّن.






٨- اللّح و التكرار ثلاثاً:

قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي ﷺ كان إذا دعا ، دعا ثلاثًا . وإذا سأل ، سأل ثلاثًا .

ذلك في حديثه الذي يصف فيه النبي ﷺ و هو يدعو على كفار قريش عندما وضعوا مصران و أمعاء الذبيحة على كتفيه و هو ساجد.

و روي الحديث في صحيح مسلم

الراوي: عبدالله بن مسعود
المحدث:مسلم
المصدر: صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 1794
خلاصة حكم المحدث: صحيح

و قال ﷺ "يُستَجابُ لأحدِكم ما لم يعجَلْ قيل وكيف يعجَلُ يا رسولَ اللهِ قال يقولُ قد دعوتُ اللهَ فلم يستجِبِ اللهُ لي"

الراوي: أبو هريرة
المحدث:الألباني
المصدر: صحيح ابن ماجه
الصفحة أو الرقم: 3121
خلاصة حكم المحدث: صحيح

فإذا دعوت فلا تقنط عندما يؤجل الله أمره، فهو الخبير و العليم فسأل الله كثيراً فأنك تدعو كريماً.

قال تعالى : "إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِين"







٩- الإستفتاح بالذكر و الصلاة على محمد ﷺ و لا تبدأ بالسؤال:

قال ﷺ "صلوا علي و اجتهدوا في الدعاء و قولوا : اللهم صل على محمد ، و على آل محمد و بارك على محمد و على آل محمد كما باركت على ابراهيم و آل ابراهيم ، إنك حميد مجيد"

الراوي: زيد بن خارجة
المحدث:الألباني
المصدر: صحيح الجامع
الصفحة أو الرقم: 3783
خلاصة حكم المحدث: صحيح


و عن عليٍّ رضيَ اللهُ عنهُ قال : كل دُعاءٍ محجوبٌ حتَّى يصلِّى على محمَّدٍ [ وآلِ محمَّدٍ ] .
الراوي: [عاصم بن ضمرة] المحدث:الألباني
المصدر: صحيح الترغيب
الصفحة أو الرقم: 1675
خلاصة حكم المحدث: صحيح لغيره






١٠- الأدب الباطن في التوبة و رد المظالم هو الأصل في الإجابة:

و من هذا الأدب هو الإعتراف بالذنب و التوبة الصادقة من القلب و التسليم لأمر لله و الجزم بأنه سبحانه هو كاشف البلاء و لا كاشف سواه.
فقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استسقى بالعباس رضي الله عنه، فلما فرغ عمر من دعائه قال العباس: اللهم انه لم ينزل بلاء من السماء الا بذنب و لم يكشف الا بتوبة و أنت الراعي لا تهمل الضالة و لا تدع الكبير بدار مضيعة فقد ضرع الصغير و رق الكبير و ارتفعت الأصوات بالشكوى و أنت تعلم السر و أخفى، اللهم فأغثهم بغياثك قبل أن يقنطوا فيهلكوا، فأنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، قال: فما تم كلامه حتى ارتفعت السماء مثل الجبال.

المصدر: إحياء علوم الدين 
المؤلف: الإمام أبي حامد محمد بن محمد الغزالي
الصفحة: ٣٦٦





لا إله إلا الله، و لا حول و لا قوة إلا بالله، اللهم صلي على محمد و على أل محمد، اللهم نسألك العفو و العافية، الاهم اجعلنا في عبادك الصالحين، فاطر السموات و الأرض أنت وليي في الدنيا و الآخرة، توفني مسلماً و ألحقني بالصالحين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد،و الحمد لله رب العالمين.






طارق القائد





*المقدمة مقتبسة حتى علامة النجمة ولا أجد إسم كاتبها.

*تصنيف الآداب للإمام أبو حامد الغزالي أسأل الله أن يرحمه برحمته.

No comments:

Post a Comment